الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية يا سيّدي رئيس الجمهوريّة ووزير الخارجيّة، سياستنا مع ليبيا مشبوهة!

نشر في  13 ماي 2015  (11:27)

منذ عهد الترويكا، لاحظ أغلب المحلّلين السياسيين انّ علاقات النهضة كانت ممتازة مع «فجر ليبيا»، الحركة العنيفة التي يحكمها عبد الحكيم بلحاج، من ذلك أنّنا رأينا الوزير الأول حمادي الجبالي يزوره عندما كان يتلقى العلاج بمصحّة بالعاصمة للاطمئنان على صحّته.. كما شاهدنا عددا من مسؤولي النهضة في لقاءات في الجنوب التونسي مع مسؤولين من هذه المجموعة التي رفضت من بعد نتائج الانتخابات التي أفضت  الى فوز الشقّ المدني وكانت وراء حرب أهلية مدمّرة.. وإثر الانتخابات المذكورة دعت حركة النهضة الى الحوار بين كل الأطراف في حين كان عليها أن تقبل بإرادة الشعب الليبي..

أمّا المنصف المرزوقي فكان مساندا لفجر ليبيا ولعبد الكريم بلحاج رغم انهزامهما في الانتخابات (هكذا يتصرّف حقوقي سابق!)، ولم يقف عند هذا الحدّ، فقد رفض التحاور مع الحكومة المنتخبة ديمقراطيّا مستنسخا بذلك مواقف امارة قطر التي لعبت دورا حاسما في الإطاحة بالعقيد معمر القذّافي (رحمه الله) الذي لم تشهد بلاده الفوضى والارهاب في عهده رغم ظلمه وقتله لبعض معارضيه.. كانت ليبيا خلال حكم القذّافي «عشر» جهنم فأصبحت بعد الثورة جهنم 100 ٪.
ولقد كانت الحدود مع ليبيا ومازالت ممرّا أساسيا لتهريب الأسلحة وتمرير الأموال للمتشدّدين والارهابيين في تونس! وبلادنا لن تكون في مأمن من الارهابيين الليبيين لو ثبّتوا أقدامهم واستولوا على الحكم بقوّة السلاح.

وبعد نجاح نداء تونس في الانتخابات تمّ تعيين قنصل في الأراضي الخاضعة لحكم الشق المدني والتي يحميها العقيد خليفة حفتر، كما عيّن قنصل في الأراضي الحدوديّة التي يسيطر عليها عبد الحكيم بلحاج.. وهنا لابدّ من التساؤل عن الضغوطات التي مورست أو الاقتراحات التي عرضت على رئاسة الجمهورية حتى تقرّر فتح قنصليتين اثنتين؟ هل هي النهضة؟ هل هم جماعة من النافذين في حزب نداء تونس؟ هل هو «رجل أعمال«أم رجل «عملات» كما يصفه حمّه الهمامي؟ هل لابن رئيس الجمهورية ومدير احدى القنوات التلفزيّة دور في اتخاذ هذا  القرار وذلك تجنبا للضرر من طرف فجر ليبيا؟
لو كان الزّعيم بورقيبة في مثل هذه الوضعيّة، لما اعترف بأيّ جهة متشدّدة ومهدّدة لأمن تونس واستقرارها  «اليوم وغدا »، ولاعترف ـ فقط ـ  بالحكومة المنتخبة وتحاور مع الشقّ الآخر، وفي الوقت نفسه لاتخذ كل الاحتياطات الضّرورية لحماية بلادنا من المخاطر التي تستهدفها لو هزمت قوات حفتر.. إنّ اختيارات بورقيبة الديبلوماسية واضحة: رفض التعامل مع اي جهة أو حكومة متطرّفة تهدد تونس، وإمكانية التحالف العسكري مع الغرب لحماية التراب التونسي، وتكبيل كل الأطراف التونسية التي تتعامل مع الارهابيين والمتشدّدين التونسيين.

وما دامت الخلافات الليبية منحصرة داخل ليبيا فذاك لا يهمّنا مبدئيا حتى وإن كنّا نتمنى لهذا الشعب الشقيق السلم والرفاهة، لكن لو أصبحت جارتنا ممرّا آمنا للارهابيين ومعبرا للأسلحة فالأمر يصبح في منتهى الخطورة وعندها لن يجوز «التعامل حتى مع الشيطان من أجل مصلحة تونس» كما قال ذلك رئيس الجمهورية.
ولنقلها بكل صراحة للسيد عبد الحكيم بلحاج: ليس لنا أي عداء لك ولا لجماعتك، لكن لن نسمح ـ أبدا ـ  بأن تصبح حدودنا غربالا للارهاب والأسلحة، كما لن نسمح لأيّ طرف بأن يستغل بعض وسائل الإعلام التونسية التي باعت ذممها، ولنقلها كما لا يمكن لأيّة جهة أجنبية ان تنشط  سياسيا على التراب التونسي، وما عدا ذلك فنحن نحب الشعب الليبي الشقيق وكل ما نرجوه، هو أن تنتهي الحرب الأهلية حتى يعود اللاجئون ويطيب العيش في بلد عمر المختار.

محمد المنصف بن مراد